الخميس. أكتوبر 17th, 2024

إقصاء الإسلاميين من الحكومة الأردنية.. قراءة في ديناميكيات التهميش السياسي والتحديات المستقبلية

في المشهد السياسي الأردني، تمثل العلاقة بين الإسلاميين والنظام الحاكم واحدة من أبرز التحديات في تشكيل الحكومة الجديدة. استبعاد حزب جبهة العمل الإسلامي من الحكومة يعكس استمرارية التوتر السياسي بين التيارات الإسلامية والنظام الملكي. ورغم الفوز الكبير للحزب في الانتخابات البرلمانية لعام 2024، إلا أن غيابهم عن الحقائب الوزارية يشير إلى رغبة السلطات في استمرار التحكم بالمشهد السياسي وإبعاد التيارات المعارضة، لا سيما في قضايا حساسة مثل العلاقات مع إسرائيل.

على الرغم من تقديم الحزب تنازلات في مسار التحديث السياسي خلال الفترة الماضية، إلا أن الحكومة الجديدة برئاسة جعفر حسان جاءت مخيبة للآمال من وجهة نظر الإسلاميين. وبهذا تتزايد التكهنات حول إمكانية حدوث مواجهة سياسية قادمة، خاصة فيما يتعلق بملفات شائكة مثل اتفاقيات السلام مع إسرائيل، وهي ملفات لطالما كانت مصدراً للخلاف بين التيار الإسلامي والسلطات.

الحزب الإسلامي، الذي يستند إلى قاعدة جماهيرية قوية ومعارضة شعبية للعديد من السياسات الحكومية، يجد في هذا الموقف فرصة لمواصلة لعب دور المعارضة التقليدية. من جهة أخرى، تبدي الحكومة الجديدة استعداداً لخلق تحالفات مع التيارات السياسية الوسطية، ما قد يقلل من تأثير الإسلاميين تحت قبة البرلمان.

اللافت أن المعارضة الإسلامية تدرك تماماً محدودية تأثيرها فيما يتعلق ببعض الملفات الحساسة على غرار العلاقات مع إسرائيل، ولكنها في المقابل تسعى للتركيز على ملفات أخرى كالتربية والتعليم والسياسات الاقتصادية.

هذا الموقف يعيد للأذهان التاريخ الطويل للعلاقة المتوترة بين الإخوان المسلمين والنظام الأردني، حيث كانت العائلة الهاشمية تتعامل بحذر مع الإخوان، مدفوعة بمخاوف سياسية تتعلق بمدى ارتباط هذا التيار بالقضايا الفلسطينية في الأردن.

تتجه الأنظار الآن إلى كيفية تفاعل الحكومة مع المعارضة في البرلمان، خصوصاً وأن جعفر حسان يحتاج إلى دعم نيابي لتمرير برنامجه الحكومي وموازنة 2025.

كذلك يمكننا النظر إلى أن استبعاد جبهة العمل الإسلامي من الحكومة الجديدة قد لا يعكس فقط تنافسًا سياسيًا عابرًا، بل هو جزء من استراتيجية طويلة الأمد للنظام في محاولة لتحييد القوى السياسية المعارضة التي تحظى بتأثير شعبي قوي. إذا نظرنا إلى السياقات الإقليمية، نرى أن الأردن يتعرض لضغوط داخلية وخارجية، خاصة فيما يتعلق باتفاقيات السلام مع إسرائيل، ما يعزز من توجه النظام نحو إبعاد التيارات التي قد تزيد من تعقيد موقفه في تلك الملفات الحساسة.

وبالرغم من أن جبهة العمل الإسلامي حققت فوزاً كبيراً في الانتخابات الأخيرة، إلا أن النظام يبدو مصراً على تقييد نفوذها داخل المؤسسات الحكومية، وهو ما قد يعكس رغبة في الحفاظ على استقرار سياسي متحكم به من خلال استبعاد الجهات التي قد تتبنى مواقف تصادمية فيما يتعلق بالسياسات الخارجية والداخلية. هناك جدل حول ما إذا كان الإسلاميون سيستغلون هذا الوضع لتعزيز خطاب المعارضة، خاصة في ظل الملفات الاقتصادية والاجتماعية الضاغطة، مثل الفقر والبطالة وارتفاع المديونية، وهي ملفات قد تكون أرضية خصبة لحشد المزيد من الدعم الشعبي.

وفيما يتعلق بتوقعات المرحلة المقبلة، قد نرى تصاعداً في التوترات السياسية بين الإسلاميين والنظام، لا سيما إذا استمرت الحكومة في اتباع سياسات تتعارض مع توجهات التيار الإسلامي. يمكن أن يكون لذلك تداعيات على الساحة السياسية الأردنية، خاصة في ضوء التغيرات الإقليمية والدولية التي قد تؤثر على مواقف الأردن الاستراتيجية.

في هذا السياق، قد يكون استبعاد الإسلاميين من الحكومة تحركًا استباقيًا من النظام لضمان السيطرة على الملف السياسي في مرحلة تتسم بالحساسية داخلياً وخارجياً. وعلى المدى البعيد، قد يؤدي استمرار هذه الاستراتيجية إلى تهميش الإسلاميين في الحياة السياسية، ما قد يدفعهم إلى البحث عن طرق جديدة للتأثير، سواء عبر البرلمان أو من خلال القواعد الشعبية.

Related Post