Spread the love

يشهد الأردن تصاعداً ملحوظاً في التحديات المتعلقة بالأمن السيبراني، حيث تبلغ خسائر الاقتصاد الوطني جراء الهجمات الإلكترونية نحو 150 مليون دينار سنوياً، وفقاً لما كشفه بسام المحارمة، رئيس المركز الوطني للأمن السيبراني، خلال جلسة حوارية نظمها المنتدى الاقتصادي الأردني.

ورغم حجم الخسائر، أكد المحارمة أن الرقم كان يمكن أن يكون أضعافاً مضاعفة لولا الجهود الوطنية المبذولة في تعزيز أمن الفضاء الإلكتروني. ويرجع ذلك إلى إنشاء مؤسسة وطنية معنية بالأمن السيبراني، والتي ساهمت في الحد من المخاطر وتقليل تداعيات الاختراقات والهجمات الإلكترونية التي تستهدف مؤسسات الدولة والشركات الخاصة.

قفزة نوعية في التصنيف العالمي للأمن السيبراني

حقق الأردن تقدماً لافتاً في التصنيف العالمي للأمن السيبراني، حيث انتقل من المركز 71 إلى المركز 27 عالمياً، وهو ما يضعه ضمن الدول الأكثر تقدماً في هذا المجال على مستوى العالم. ويعكس هذا التحسن الكبير الجهود المبذولة في السنوات الأخيرة لتعزيز البنية التحتية الرقمية وإرساء قواعد صلبة لحماية البيانات وأنظمة المعلومات من التهديدات الإلكترونية.

ويعزو المحارمة هذا التقدم إلى العمل المتكامل في عدة مجالات رئيسية تشمل، التدابير القانونية: إصدار قوانين وتشريعات لحماية الفضاء السيبراني والتصدي للجرائم الإلكترونية. التدريب التقني: رفع كفاءة الكوادر المحلية لمواجهة التهديدات السيبرانية المتزايدة. التنظيم والتشريعات: وضع معايير إلزامية للأمن السيبراني في المؤسسات العامة والخاصة. تطوير الموارد البشرية: الاستثمار في تأهيل متخصصين في أمن المعلومات لضمان حماية المؤسسات من الاختراقات. التعاون الدولي: الشراكة مع منظمات عالمية ودول متقدمة في الأمن السيبراني لتعزيز تبادل المعرفة والتجارب.

كجزء من استراتيجيته الشاملة لحماية الفضاء الإلكتروني، أعلن المركز الوطني للأمن السيبراني عن المعايير الوطنية الأردنية للأمن السيبراني، والتي تهدف إلى إلزام جميع المؤسسات، سواء في القطاع العام أو الخاص، بتطبيق إجراءات الحماية اللازمة لضمان استمرارية الحماية الرقمية وتقليل المخاطر الإلكترونية.

وتشمل هذه المعايير، تطوير خطط استجابة سريعة للهجمات السيبرانية. تعزيز الحماية على مستوى الشبكات والبنية التحتية الرقمية. فرض بروتوكولات أمان أكثر صرامة في التعامل مع البيانات والمعلومات الحساسة. تدريب الموظفين في المؤسسات على كيفية اكتشاف محاولات الاحتيال والاختراقات.

رغم النجاحات المحققة، لا تزال هناك تحديات كبيرة تواجه الأمن السيبراني في الأردن، حيث تتزايد الهجمات الإلكترونية سواء على المؤسسات الحكومية أو الشركات الخاصة، ما يتطلب استمرار الاستثمار في هذا القطاع الحيوي.

ويشير الخبير في أمن المعلومات رامي الخطيب إلى أن “الهجمات السيبرانية لا تستهدف فقط سرقة البيانات، بل تؤثر أيضاً على استقرار الاقتصاد وتضعف ثقة المستثمرين”. ويضيف: “من الضروري أن تستمر الحكومة في تحديث سياسات الأمن السيبراني لمواكبة التطورات السريعة في تقنيات الاختراق والهجمات الرقمية”.

القطاع الخاص ودوره في تعزيز الأمن السيبراني

إلى جانب الجهود الحكومية، يلعب القطاع الخاص دوراً حاسماً في دعم منظومة الأمن السيبراني. فالشركات التي تعتمد بشكل متزايد على الخدمات الرقمية تحتاج إلى الاستثمار في بروتوكولات الحماية الإلكترونية، ورفع مستوى الوعي بين موظفيها لمنع الهجمات الاحتيالية التي تعتمد على الهندسة الاجتماعية، مثل التصيد الإلكتروني والبرمجيات الخبيثة.

ويؤكد المحلل الاقتصادي أسامة العلي أن “الهجمات السيبرانية لم تعد مجرد تهديد رقمي، بل أصبحت تحدياً اقتصادياً كبيراً، حيث تؤثر على سمعة الشركات، وتؤدي إلى خسائر مالية ضخمة، وقد تساهم في تعطيل العمليات التشغيلية للمؤسسات الكبرى”.

مع التقدم الملحوظ الذي حققه الأردن في مجال الأمن السيبراني، يبقى التحدي الأهم هو الحفاظ على هذا الزخم وضمان استدامة التحسينات في مواجهة التطورات السريعة في تقنيات الهجمات الإلكترونية.

وبينما تتطلب المرحلة المقبلة تعزيز التعاون بين الحكومة والقطاع الخاص، فإن نجاح الأردن في الحد من الخسائر الاقتصادية الناتجة عن الهجمات السيبرانية يعتمد بشكل كبير على الالتزام بتطبيق المعايير الجديدة، واستمرار الاستثمار في التكنولوجيا والتدريب، وتعزيز التعاون الدولي في هذا المجال.

ويبقى السؤال المطروح: هل سيتمكن الأردن من الحفاظ على تفوقه في التصنيف العالمي، أم أن التطورات التكنولوجية المتسارعة ستفرض تحديات جديدة تتطلب مزيداً من الجهود والموارد؟

error: Content is protected !!