حذّر نواب بريطانيون من أن المملكة المتحدة ليست مستعدة لمواجهة حرب شاملة في حال اندلاعها، وذلك في ظلّ النقص الكبير في قدرات القوات المسلحة، واستمرار أزمة التجنيد، إضافةً إلى تآكل المخزونات العسكرية وعدم كفاية الوقت المخصص للتدريب القتالي.
جاء هذا التحذير في تقرير صادر عن لجنة الدفاع في مجلس العموم البريطاني، حيث أكد التقرير أن الجيش البريطاني “يتحمّل فوق طاقته باستمرار”، وأن الأفراد المشاركين في العمليات لا يحصلون على الوقت الكافي للتدريب على القتال.
التحديات العسكرية: أزمة متصاعدة
أشار التقرير إلى أن القوات المسلحة البريطانية تعمل بشكل مكثف ومستمر دون منحها الفرصة الكافية لتعزيز قدراتها الدفاعية، محذّراً من أن هذا النهج قد يُعرّض أمن المملكة المتحدة للخطر إذا لم يتم تصحيحه بسرعة.
السير جيريمي كوين، رئيس لجنة الدفاع في مجلس العموم، أكد أن الجيش البريطاني رغم قدرته على الانتشار السريع وتنفيذ الالتزامات، إلا أن الاستعداد لخوض حرب طويلة الأمد “لم يحظَ بالاهتمام الكافي ويحتاج إلى تركيز مستمر ومكثف”.
وأضاف كوين: “التسلسل المستمر والمطرد للعمليات والالتزامات المستمرة يمنع الجيش من تخصيص الوقت الكافي للتدريب وتعزيز القدرات العسكرية. نحن بحاجة إلى استراتيجية واضحة تضمن استعداد الجيش البريطاني لأي مواجهة عسكرية كبرى.”
لا تقتصر المشكلة على نقص التدريب، بل تمتد أيضًا إلى أزمة المخزونات العسكرية وأزمة التجنيد والاحتفاظ بالجنود، حيث يشهد الجيش البريطاني معدلات مغادرة أعلى من معدلات الانضمام.
ويرى المحلل العسكري مايكل كلارك، أن هذه الظاهرة “تعكس أزمة ثقة داخل المؤسسة العسكرية”، حيث يواجه الجنود ضغوطًا متزايدة، وعدم وجود حوافز كافية تدفعهم للبقاء في الخدمة. وأوضح كلارك أن نقص الذخائر والمعدات الحديثة يشكل تحديًا كبيرًا للقوات المسلحة، خصوصًا في ظل التوترات الجيوسياسية الحالية. وأضاف: “هناك فجوة بين المتطلبات العسكرية والموارد المتاحة. الحرب في أوكرانيا أظهرت أهمية وجود إمدادات كافية من الذخائر والعتاد، لكن بريطانيا لا تملك المخزون الكافي لخوض حرب طويلة الأمد.”
مناورات حلف الناتو: اختبار للجاهزية
بالتزامن مع هذه التحذيرات، تستعد المملكة المتحدة للمشاركة في أكبر تدريبات عسكرية يجريها حلف شمال الأطلسي (الناتو) منذ نهاية الحرب الباردة.
سيشارك 20 ألف جندي بريطاني في مناورات “المدافع الصامد”، التي ستجري في أنحاء أوروبا، وتهدف إلى تعزيز جاهزية الحلف في مواجهة أي تهديد محتمل، لا سيما من روسيا.
بينما يقول المحلل جوني كرم، إن هذه التدريبات تمثل “اختبارًا حقيقيًا لقدرة بريطانيا على خوض عمليات عسكرية واسعة”، لكنه يحذّر من أن المشاركة في التدريبات لا تعني أن الجيش مستعد بالفعل لحرب شاملة.
وأضاف: “التدريبات توفر فرصة لتحسين التكتيكات، لكنها لا تعوّض عن النقص في الموارد والتدريب. الجيش البريطاني بحاجة إلى خطة إعادة بناء شاملة ليكون جاهزًا لخوض أي مواجهة مستقبلية.”
المخاوف من تصاعد التوترات العالمية
في ظل تصاعد التوترات مع روسيا والصين، تتزايد الضغوط على الحكومة البريطانية لضمان جاهزية قواتها المسلحة. ويرى الخبراء أن التحديات الأمنية الحالية تتطلب زيادة الإنفاق العسكري، وتطوير استراتيجية واضحة لتعزيز قدرات الجيش.
يرى المحلل السياسي جوني كرم أن بريطانيا بحاجة إلى نهج جديد يتناسب مع التطورات الجيوسياسية، مضيفًا:
“الحكومة البريطانية لم تعد قادرة على تأجيل القرارات الاستراتيجية الكبرى. يجب وضع خطة لإعادة تسليح الجيش، وتطوير قدراته الدفاعية، وتعزيز تحالفاته داخل الناتو.”
السؤال الأساسي الذي يطرحه التقرير هو: هل الجيش البريطاني مستعد لمواجهة حرب كبرى إذا اندلعت؟
تشير التحليلات إلى أن الجيش البريطاني يعاني من ضعف في التجهيزات، وانخفاض في أعداد المجندين، ونقص في الذخائر والمعدات، ما يعني أن قدرته على خوض حرب طويلة الأمد ليست مضمونة.
في هذا السياق، يطالب النواب البريطانيون الحكومة بتخصيص مزيد من الموارد للجيش، وتسريع عملية إعادة بناء القدرات العسكرية، لضمان جاهزيته في مواجهة أي تهديد مستقبلي.
يبقى السؤال مفتوحًا، هل ستتحرك الحكومة البريطانية بسرعة لمعالجة هذه التحديات، أم أن الجيش البريطاني سيظل في وضع غير مستعد لأي مواجهة عسكرية كبرى؟