الخميس. أكتوبر 17th, 2024

التقارب المصري التركي.. خطوة نحو حل الأزمة الليبية وإعادة ترتيب النفوذ الإقليمي؟

يشكل التقارب بين مصر وتركيا، كما أشار رئيس مجلس النواب الليبي عقيلة صالح، تطورًا إيجابيًا في حل الأزمة الليبية، حيث يسهم هذا التحسن في العلاقات بين البلدين في تهيئة الظروف لإنهاء وجود القوات الأجنبية في ليبيا، وهو مطلب أساسي لمجلس النواب الليبي.

هذا التقارب بين قوتين إقليميتين متنافستين، اللتين كانتا سابقًا على طرفي نقيض في الصراع الليبي، يمهد لبيئة أكثر استقرارًا، حيث تحاول أنقرة والقاهرة دفع الأطراف الليبية نحو اتفاق يحل الأزمة الاقتصادية، بما في ذلك الحصار النفطي، ويعزز الاستقرار الأمني.

التقارب بين مصر وتركيا يمثل تغيرًا كبيرًا في ديناميكيات الصراع الليبي، حيث كانت مصر تدعم الجيش الوطني الليبي بقيادة خليفة حفتر، بينما كانت تركيا تدعم حكومة الوفاق السابقة. هذا التحول في العلاقات يُعتبر مؤشرًا على أن الأطراف الخارجية تدرك الآن ضرورة العمل المشترك لإنهاء الأزمة الليبية التي استمرت لسنوات دون حل.

التحركات الدبلوماسية الأخيرة، بما في ذلك محادثات تركيا مع حفتر، تشير إلى تغير في السياسات الإقليمية التي كانت قائمة على دعم أطراف متعارضة. ويبدو أن الاتفاقات الاقتصادية بين مصر وتركيا تلعب دورًا محوريًا في تقريب وجهات النظر حول حل الأزمة الليبية.

عقيلة صالح أكد في تصريحاته أن الوجود الأجنبي، خاصة القوات التركية، يمثل عائقًا أمام الاستقرار. بينما يرى أن هذا التقارب المصري التركي يمكن أن يساهم في تسهيل سحب تلك القوات، فإنه يبقى قلقًا من استمرار تواجد مجموعات أجنبية داخل ليبيا.

التركيز على ضرورة وجود حكومة ليبية معترف بها دوليًا يعكس حاجة الأطراف الليبية إلى اتفاق سياسي يحدد السلطة الشرعية القادرة على التعامل مع الاتفاقات العسكرية والاقتصادية السابقة التي أُبرمت في ظل حكومات متنازعة.

التقارب بين مصر وتركيا لم يؤثر فقط على الجوانب السياسية والعسكرية، بل إن له أبعادًا اقتصادية واضحة. عودة الشركات والعمال المصريين إلى الغرب الليبي، وكذلك الشركات التركية إلى الشرق الليبي، تعزز النشاط الاقتصادي في البلاد وتدفع نحو إعادة الإعمار. هذه التحركات الاقتصادية المشتركة تؤكد على أن الحل السياسي للأزمة يجب أن يكون مدعومًا بخطة اقتصادية شاملة تساعد في إعادة بناء الاقتصاد الليبي وتحقيق الاستقرار على المدى الطويل.

إن التقارب المصري التركي يمثل تحولاً استراتيجيًا في ميزان القوى الإقليمي. فالتحالفات الجديدة بين الدولتين تمثل نوعًا من “توزيع الأدوار” في ليبيا، حيث تسعى كل من القاهرة وأنقرة لتعزيز مصالحها الاقتصادية والسياسية عبر تحقيق الاستقرار. هذا التقارب قد يشكل حلاً وسطًا للأزمة الليبية التي طال أمدها، ويسمح بترتيب الأولويات بناءً على مصالح إقليمية تتعلق بالنفط وإعادة الإعمار.

توحيد الرؤى بين مصر وتركيا لا يعني فقط تهيئة بيئة مناسبة لانسحاب القوات الأجنبية، بل يسهم في إعادة رسم معادلة النفوذ في ليبيا، ويعطي دفعة للمؤسسات الليبية لتتجاوز حالة الانقسام الحاد. علاوة على ذلك، هذا التقارب قد يعزز مكانة ليبيا كوجهة استثمارية، حيث يجذب المزيد من الاستثمارات الخارجية، مما يسهم في تحسين الاقتصاد الليبي المتدهور.

Related Post