الأحد. ديسمبر 29th, 2024

النفط بين تقلبات الأسواق وتهديدات الجيوسياسة.. كيف تؤثر التغيرات في المخزونات والصراعات الإقليمية على الأسعار العالمية؟

ارتفعت أسعار النفط في التعاملات الآسيوية المبكرة الخميس لتقلص الخسائر الحادة التي تكبدتها على مدار الجلستين الماضيتين، وذلك بعد أن أظهرت بيانات في قطاع النفط انخفاضا غير متوقع في مخزونات الخام الأمريكية الأسبوع الماضي.

وصعدت العقود الآجلة لخام برنت 45 سنتا أو 0.6 بالمئة إلى 74.67 دولار للبرميل بحلول الساعة 00:23 بتوقيت غرينتش. كما وصلت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأمريكي إلى 70.84 دولار بارتفاع 45 سنتا أو 0.6 بالمئة.

وانخفض الخامان عند التسوية الأربعاء إلى أدنى مستوياتهما منذ الثاني من أكتوبر/ تشرين الأول لليوم الثاني على التوالي.

وهوى الخامان القياسيان بنسب تتراوح بين ست وسبع بالمئة منذ بداية الأسبوع وحتى الآن بعد أن خفضت منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) ووكالة الطاقة الدولية توقعات الطلب لعامي 2024 و2025.

كما انخفضت الأسعار على خلفية تراجع علاوات المخاطر وانحسار المخاوف من احتمال أن يؤدي هجوم إسرائيلي على إيران إلى اضطراب في إمدادات النفط، رغم استمرار حالة عدم اليقين بشأن الصراع في الشرق الأوسط.

ولا يزال المستثمرون ينتظرون مزيدا من التفاصيل من الصين بشأن خططها الواسعة التي أعلنت عنها في 12 أكتوبر/ تشرين الأول لإنعاش اقتصادها المتباطئ.

وفي الولايات المتحدة، نقلت مصادر في السوق عن أرقام معهد البترول الأمريكي الأربعاء أن مخزونات النفط الخام والوقود هبطت الأسبوع الماضي، رغم توقعات بارتفاع مخزونات الخام.

شهدت أسواق النفط تحولات كبيرة خلال الأيام الأخيرة، مع عودة أسعار خام برنت وغرب تكساس الوسيط للارتفاع خلال التعاملات الآسيوية المبكرة. هذه الزيادة الطفيفة بنسبة 0.6% جاءت في أعقاب بيانات أظهرت انخفاضاً غير متوقع في مخزونات النفط الأمريكية، ما أعطى بعض الطمأنينة للأسواق. فقد انخفضت مخزونات الخام بـ1.58 مليون برميل، والبنزين بـ5.93 مليون برميل، ما يعكس طلباً قوياً على الوقود، رغم التحديات الاقتصادية.

ومع ذلك، يبقى المشهد النفطي هشاً بسبب عدة عوامل. خفضت “أوبك” ووكالة الطاقة الدولية توقعاتهما للطلب لعامي 2024 و2025، ما خلق شكوكاً بشأن النمو العالمي. علاوة على ذلك، كانت الأسعار قد تعرضت لضغوط بسبب انحسار المخاوف من تأثير الصراع الإسرائيلي-الإيراني على إمدادات النفط، على الرغم من بقاء المنطقة في حالة توتر.

السياسات الاقتصادية في الصين هي عامل آخر يترقبه المستثمرون بحذر. بعد إعلان بكين عن خطط إنعاش اقتصادي جديدة، ينتظر الجميع تفاصيل إضافية لمعرفة مدى تأثير هذه الخطط على الطلب على الطاقة. ومع كون الصين أحد أكبر مستهلكي النفط في العالم، فإن أي تراجع في اقتصادها يمكن أن يؤثر بشكل مباشر على أسعار الخام.

في الولايات المتحدة، يُنظر إلى انخفاض المخزونات على أنه مؤشر إيجابي للاقتصاد. ومع تجاوز عائد سندات الخزانة الأمريكية حاجز 4%، تجددت التكهنات حول تحركات الاحتياطي الفيدرالي. الأسواق التي توقعت سابقاً خفضاً حاداً في أسعار الفائدة بـ50 نقطة أساس، باتت الآن أكثر تريثاً، مع ارتفاع التوقعات بخفض أقل بمقدار 25 نقطة أساس في اجتماع نوفمبر.

إجمالاً، تسود الأسواق حالة من عدم اليقين في ظل التوترات الجيوسياسية، التوقعات المتراجعة للطلب، والسياسات النقدية في الاقتصادات الكبرى. استمرار هذه العوامل قد يؤدي إلى تقلبات كبيرة في أسعار النفط خلال الأشهر المقبلة، ما يعكس عمق ترابط الأسواق النفطية مع الاقتصاد العالمي وتطورات السياسة الدولية.

المشهد النفطي الحالي يعكس تقلبات كبيرة في الأسواق العالمية نتيجة تداخل عدة عوامل معقدة. فإلى جانب الانخفاض المفاجئ في المخزونات الأمريكية، تعكس أسعار النفط حساسية شديدة تجاه الأحداث الجيوسياسية. فقد أثار خفض “أوبك” ووكالة الطاقة الدولية لتوقعات الطلب تساؤلات حول استدامة النمو في ظل تراجع استهلاك الطاقة، خاصة من الاقتصادات الكبرى.

التوترات في الشرق الأوسط، ورغم تهدئة المخاوف من تأثير فوري على الإمدادات، لا تزال تشكل تهديداً على استقرار الأسعار. احتمال تصاعد الصراع الإسرائيلي-الإيراني يمكن أن يؤدي إلى اضطرابات في طرق الإمداد، ما قد يُحدث فجوة مفاجئة في الأسواق العالمية.

على الجانب الآخر، تتجه الأنظار نحو الصين التي يُنتظر أن تكشف عن تفاصيل خططها لتحفيز الاقتصاد. في حال جاءت هذه الإجراءات دون التوقعات، قد يتراجع الطلب على النفط بشكل يؤثر في الأسواق الدولية. كما أن التحديات في الصين قد تعيد تشكيل توقعات الأسعار، خاصة وأن بكين تمثل قاطرة الطلب في آسيا.

يظل انخفاض المخزونات الأمريكية مؤشراً إيجابياً للطلب الداخلي، لكنه قد يدفع الاحتياطي الفيدرالي إلى إعادة النظر في سياساته النقدية، مع الحفاظ على الحذر من احتمال خفض محدود في الفائدة. هذا التطور سيضع مزيداً من الضغط على الأسواق المالية والنفطية معاً.

بالمجمل، فإن استمرار هذه الديناميكيات المتداخلة يخلق حالة من عدم الاستقرار، حيث يعتمد مستقبل الأسعار على قدرة الأسواق على التكيف مع التحديات السياسية والاقتصادية التي تلوح في الأفق.

Related Post