الخميس. أكتوبر 17th, 2024

انسحاب القوات الأمريكية من العراق.. بين استقرار بغداد والمخاوف الإقليمية

قال رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني ، إنه لم تعد هناك حاجة لوجود القوات الأمريكية في بلاده لأنها نجحت إلى حد كبير في هزيمة تنظيم “داعش”، وإنه يعتزم الإعلان عن جدول زمني لانسحابها في وقت قريب.

تصريحات رئيس الوزراء العراقي بشأن انسحاب القوات الأمريكية من العراق تمثل تطورًا مهمًا في السياسة الأمنية العراقية، وتحمل دلالات استراتيجية على المستويين الداخلي والإقليمي. السوداني أكد أن العراق لم يعد بحاجة إلى وجود قوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة، وأنه يعتزم تحديد جدول زمني لخروجها. هذه الخطوة، التي تأتي في ظل استقرار نسبي في العراق وهزيمة تنظيم “داعش” إلى حد كبير، تعكس تغيرًا في الأولويات الأمنية والداخلية.

تأكيد السوداني على انتقال العراق من مرحلة الحروب إلى مرحلة الاستقرار يعد مؤشرًا على رغبة الحكومة العراقية في إعادة السيطرة الكاملة على القرارات الأمنية والعسكرية. ورغم أن التواجد العسكري الأمريكي شكل ركيزة أساسية في مواجهة “داعش”، إلا أن تحقيق الاستقرار المحلي يعطي بغداد الثقة الكافية لطلب إنهاء هذا التواجد، مما يعكس نضوجًا سياسيًا وأمنيًا داخل العراق.

على الصعيد الداخلي، فإن دعوة السوداني لانسحاب القوات الأمريكية تتوافق مع رغبات جزء كبير من الشارع العراقي، الذي يرى في الوجود الأمريكي عنصرًا حساسًا يثير التوترات السياسية، ويعزز النفوذ الإيراني. خروج القوات قد يقلل من هذه التوترات ويعزز السيادة الوطنية، لكنه في الوقت نفسه قد يعزز النفوذ الإيراني داخل العراق، وهو ما يثير مخاوف بعض الأطراف الداخلية والخارجية.

إقليمياً، الانسحاب الأمريكي قد يعيد تشكيل ميزان القوى في المنطقة. إيران، التي لديها نفوذ كبير في العراق من خلال الميليشيات والجماعات السياسية المتحالفة معها، قد ترى في هذا الانسحاب فرصة لزيادة تأثيرها. كما أن الانسحاب قد يدفع دول الجوار، مثل تركيا، إلى إعادة تقييم سياستها تجاه العراق، خاصة فيما يتعلق بمكافحة الإرهاب وحماية مصالحها الأمنية.

رغم أن الحكومة العراقية ترى في انسحاب القوات الأمريكية خطوة نحو استقرار أكبر، إلا أن بعض المشرعين الأمريكيين يشعرون بالقلق من تداعيات هذا القرار. انسحاب كامل للقوات قد يسمح بعودة “داعش” أو جماعات إرهابية أخرى، كما أنه قد يؤدي إلى تعزيز نفوذ إيران بشكل غير مسبوق في العراق. هذه المخاوف تعكس ترددًا أمريكيًا في الانسحاب الكامل، رغم التفاهمات التي توصل إليها السوداني مع الرئيس الأمريكي جو بايدن.

إذا تم تنفيذ الانسحاب وفق الجدول الزمني الذي تحدده الحكومة العراقية، فإن ذلك سيشكل منعطفًا كبيرًا في العلاقات بين العراق والولايات المتحدة. التحالف الذي تشكل في 2014 لمحاربة “داعش” سيكون قد حقق هدفه، لكن التحدي الأكبر سيكون في كيفية إدارة العراق للوضع الأمني بعد انسحاب القوات الأجنبية.

علاوة على ذلك، فإن انسحاب القوات الأمريكية بحلول 2026، كما صرح وزير الدفاع العراقي، سيعني نهاية لوجود عسكري استمر لعقود. هذا الانسحاب قد يفتح الباب أمام شراكات جديدة، سواء مع الولايات المتحدة في مجالات غير عسكرية، أو مع قوى إقليمية ودولية تسعى لتعزيز دورها في العراق.

Related Post