الأحد. ديسمبر 29th, 2024

بوتين وخارطة السيطرة.. إصرار على تحقيق الأهداف الروسية في أوكرانيا رغم التحديات

In this picture made available by Sputnik news agency, Russian President Vladimir Putin chairs a meeting with members of the government via a video conference at the Novo-Ogaryovo state residence outside Moscow, on December 24, 2021. (Photo by Alexey NIKOLSKY / Sputnik / AFP)

أكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الاثنين أنّه «سيتم تحقيق جميع الأهداف المحدّدة» في أوكرانيا التي تشهد حرباً منذ فبراير (شباط) 2022، وذلك بمناسبة الذكرى الثانية لضم روسيا أربع مناطق أوكرانية. وجاء هذا تزامناً مع إعلان الجيش الروسي السيطرة على بلدة جديدة في منطقة دونيتسك في شرق أوكرانيا، حيث لا تزال قواته تتقدم أمام قوات كييف الأقل عدداً وتسليحاً.

تأتي تصريحات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين حول تحقيق “جميع الأهداف المحددة” في أوكرانيا، وهو يعتبر واحدًا من أخطر التحديات الأمنية في أوروبا منذ نهاية الحرب الباردة. بوتين، الذي أعلن عن ضم أربع مناطق أوكرانية إلى روسيا، يتمسك بخطاب يشير إلى حتمية تحقيق الأهداف الاستراتيجية، والتي تتعلق بشكل رئيسي بحماية السكان الناطقين بالروسية وصد ما تسميه موسكو “ديكتاتورية النازيين الجدد” في أوكرانيا.

تصريحات بوتين بشأن تحقيق “جميع الأهداف المحددة” في أوكرانيا تعكس استمرارية الاستراتيجية الروسية التي تستهدف السيطرة على مناطق ذات أهمية استراتيجية مثل دونيتسك ولوغانسك. هذه التصريحات تمثل إشارة قوية على أن روسيا لا تنوي التراجع في صراعها مع أوكرانيا، بل تسعى لتحقيق أهدافها العسكرية والسياسية بالكامل. استخدام بوتين مصطلحات مثل “ديكتاتورية النازيين الجدد” يأتي كجزء من السردية الإعلامية التي تهدف إلى تبرير العمليات العسكرية وتأكيد شرعية الضم الروسي للمناطق الأوكرانية.

بوتين يعزز موقفه بأن العمليات العسكرية في أوكرانيا تهدف إلى حماية السكان الناطقين بالروسية وتأمين مستقبل آمن للأجيال القادمة في روسيا، وهو ما يشير إلى أن الكرملين يرى النزاع الأوكراني كجزء من صراع أوسع للحفاظ على نفوذ روسيا الإقليمي ومواجهة النفوذ الغربي المتزايد. كما يتضح من تزامن هذه التصريحات مع السيطرة الروسية على بلدة نيليبيفكا في منطقة دونيتسك، التي تعد ذات أهمية استراتيجية، ما يدل على رغبة موسكو في الاستمرار بالتقدم العسكري على الرغم من الدعم الغربي القوي لأوكرانيا.

التحركات الروسية الأخيرة في ساحة المعركة تشير إلى أن موسكو تعتزم تعزيز مكاسبها العسكرية، وهو ما يشكل تحدياً كبيراً للجيش الأوكراني الذي يواجه صعوبات في الحفاظ على مواقعه. استخدام الطائرات المسيّرة ضد كييف يعكس تصعيدًا في الأساليب الهجومية الروسية، مما يزيد من التعقيد في الصراع. وفي الوقت الذي تستمر فيه الهجمات الروسية، يعتمد نجاح أوكرانيا في صد الهجوم الروسي على الدعم المستمر من الدول الغربية، بما في ذلك الأسلحة المتطورة ومساعدات مالية إضافية.

بوتين يشدد على استمرار النزاع حتى تحقيق الأهداف، مما يشير إلى إصرار روسيا على عدم تقديم تنازلات أو القبول بحلول وسط، ويؤكد أن النزاع مستمر لتحقيق مصالح استراتيجية بعيدة المدى تتعلق بزيادة النفوذ الروسي في المنطقة. هذه الأهداف تشمل، حسب الخطاب الرسمي الروسي، استعادة الأراضي الأوكرانية التي تراها روسيا جزءًا من تراثها التاريخي والجغرافي.

تصريحات بوتين تأتي في ظل توتر عالمي وتفاعل بين القوى الكبرى بشأن النزاع في أوكرانيا. الغرب، الذي يدعم أوكرانيا عسكريًا وماليًا، يرى أن الهدف الروسي في أوكرانيا هو إعادة تشكيل النظام الأمني الأوروبي لما بعد الحرب الباردة لصالح موسكو. وفي هذا الإطار، يظهر التصعيد العسكري الروسي وكأنه محاولة لفرض واقع جديد في المنطقة عبر العمليات العسكرية.

تعقيد المشهد السياسي والعسكري في أوكرانيا انعكس على السياسة الدولية، حيث تزداد الفجوة بين روسيا والغرب. بينما يواصل بوتين الدفاع عن “شرعية” التدخل العسكري في أوكرانيا، فإن الغرب، بقيادة الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، لا يزال يضغط عبر العقوبات والضغوط الدبلوماسية لتقليص النفوذ الروسي. هذه الديناميكية تعزز من الصراع الجيوسياسي المستمر في المنطقة.

ميدانيًا، سيطرة القوات الروسية على بعض المدن والبلدات الأوكرانية، مثل “نيليبيفكا” في دونيتسك، تعزز موقف موسكو العسكري، لكنها تأتي وسط مقاومة أوكرانية مستمرة، وهو ما يعكس صعوبة المعركة على الأرض. تقدم القوات الروسية في دونيتسك يُظهر استمرار التصعيد في المنطقة الشرقية، التي تعتبر الساحة الرئيسية للصراع.

تصريحات بوتين تشير إلى نفور روسيا من الدور الأمريكي في النزاع، حيث تستمر واشنطن في تقديم الدعم العسكري لأوكرانيا في إطار خطط طويلة الأمد تهدف إلى منع روسيا من تحقيق أهدافها. هذه المواجهة بين روسيا والغرب تمثل عودة للحرب الباردة بأساليب جديدة، حيث تلعب الولايات المتحدة وحلف الناتو دورًا محوريًا في تشكيل مخرجات النزاع.

ضم المناطق الأوكرانية من قبل روسيا، والذي استند إلى استفتاءات غير معترف بها دوليًا، يعد جزءًا من استراتيجية موسكو لتكريس السيطرة على الأراضي المحتلة. هذه الخطوة رفضتها كييف والمجتمع الدولي، معتبرين أن الاستفتاءات غير شرعية وتعزز من تعقيد أي حل سياسي.

“يوم إعادة التوحيد”، كما سماه بوتين، يعكس جزءًا مهمًا من الرواية الروسية الرسمية التي تبرر التدخل العسكري بناءً على أواصر تاريخية وثقافية تربط تلك المناطق بروسيا. هذه الرؤية، التي تعززها وسائل الإعلام الروسية، تسعى لترسيخ مشروعية الضم وتقديمه كجزء من حماية السيادة الروسية.

مع تعهد بوتين بتحقيق الأهداف المحددة في أوكرانيا، تبقى الأسئلة المطروحة حول المدى الذي يمكن أن تذهب إليه روسيا في نزاعها مع كييف. ما إذا كان بوتين يسعى إلى تسوية سياسية مستقبلية تعتمد على مكتسبات عسكرية على الأرض أم أن النزاع سيستمر حتى تحقيق السيطرة الكاملة على أوكرانيا.

تصريحات بوتين تشير إلى أن روسيا تستعد لنزاع طويل الأمد، معتمدة على قدراتها العسكرية والاقتصادية، بينما تواجه ضغوطًا من المجتمع الدولي.

من خلال هذه التصريحات والمواقف، يتضح أن النزاع في أوكرانيا دخل مرحلة جديدة، حيث تعزز روسيا مكاسبها العسكرية وتصر على تحقيق أهدافها الاستراتيجية، بينما يظل الغرب داعمًا لأوكرانيا في مقاومة هذا التدخل.

Related Post