Spread the love

سجلت أسعار النفط انخفاضًا يتجاوز 1% بعد تصريحات للرئيس الأمريكي دونالد ترامب طالب فيها منظمة أوبك بخفض الأسعار، في خطوة تهدف إلى الضغط على روسيا اقتصاديًا وإنهاء الحرب في أوكرانيا. هذا التراجع يأتي في وقت أعلنت فيه الولايات المتحدة عن إجراءات لتعزيز إنتاجها المحلي من النفط والغاز، وهو ما زاد من الضغوط على السوق العالمية.

ومع استمرار التوترات الجيوسياسية وتأثير العقوبات الغربية على النفط الروسي، يبقى السؤال: هل تستطيع إدارة ترامب فرض سياستها النفطية على أوبك؟ وما التداعيات المحتملة على الأسواق العالمية؟

في التعاملات المبكرة يوم الإثنين، سجلت العقود الآجلة لخام برنت انخفاضًا بنسبة 1.11% ليصل إلى 77.63 دولارًا للبرميل، بعد ارتفاع طفيف عند الإغلاق يوم الجمعة. كما انخفض خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي بنسبة 1.19% ليصل إلى 73.77 دولارًا للبرميل.

يرى مروان العلي، المحلل الاقتصادي في بيروت أن التراجع الحالي مرتبط بشكل مباشر بالتصريحات السياسية، حيث يقول: “تعامل الأسواق مع تصريحات ترامب يُظهر مدى التأثير الذي يمكن أن يحدثه التدخل السياسي على حركة الأسعار. ومع ذلك، فإن قدرة أوبك على الاستجابة ستعتمد على مصالحها الاقتصادية وليس فقط على الضغوط الأمريكية.”

ترامب يدعو لخفض الأسعار: استراتيجية سياسية أم ضغط اقتصادي؟

في تصريحات لافتة، قال دونالد ترامب إن خفض أسعار النفط هو إحدى الطرق السريعة لإنهاء الحرب في أوكرانيا، مشيرًا إلى أن أوبك تجني أرباحًا كبيرة من الأسعار المرتفعة، وهو ما اعتبره غير مقبول في ظل الوضع الجيوسياسي الحالي.

يقول أحمد القحطاني، خبير النفط السعودي: “واشنطن تحاول استخدام أسعار النفط كسلاح اقتصادي للضغط على روسيا، لكنها تتجاهل أن ذلك قد يضر بالدول المنتجة أيضًا، بما في ذلك دول الخليج التي تعتمد على الإيرادات النفطية للحفاظ على استقرار اقتصاداتها.”

رغم تصريحات ترامب، لم تصدر أوبك وحلفاؤها، بما في ذلك روسيا، أي رد رسمي على هذه الدعوة. ومع ذلك، تشير تقارير إلى أن تحالف أوبك+ لا يزال متمسكًا بخطته السابقة لزيادة الإنتاج تدريجيًا اعتبارًا من أبريل/نيسان المقبل.

يقول خالد بن منصور، محلل الطاقة في أبوظبي: “أوبك+ تعمل وفق استراتيجية طويلة الأمد، ومن غير المرجح أن تغير مسارها لمجرد ضغوط سياسية. الهدف الأساسي للتحالف هو الحفاظ على استقرار السوق، وليس الاستجابة لتصريحات آنية من البيت الأبيض.”

رغم القيود الغربية، يبدو أن الصادرات النفطية الروسية لم تتراجع بشكل كبير، حيث أوضح محللو غولدمان ساكس أن ارتفاع تكاليف الشحن يدفع بعض المشترين للبحث عن بدائل، إلا أن الخصومات الكبيرة التي تقدمها روسيا على خامها تُبقي الطلب قويًا، خاصة من الصين والهند.

يقول يوسف العتيبي، خبير الأسواق المالية في دبي: “حتى مع العقوبات، يظل النفط الروسي مطلوبًا في بعض الأسواق الناشئة. لذلك، لا يمكن القول بأن تأثير العقوبات كان مدمرًا كما كانت تأمل الدول الغربية.”

هل المخاطر الجيوسياسية تبرر علاوة الأسعار؟

في المقابل، يرى محللو جي بي مورغان أن بعض علاوات المخاطر لا تزال مبررة، نظرًا لأن 20% من ناقلات النفط من طراز أفراماكس خاضعة للعقوبات، مما قد يعطل التدفقات النفطية العالمية.

تقول ريم العلي، خبيرة الطاقة في القاهرة: “التوترات الجيوسياسية تلعب دورًا كبيرًا في إبقاء الأسواق متقلبة. العقوبات على روسيا، إلى جانب التهديدات بفرض قيود جديدة، قد تعني أن أسعار النفط ستظل متذبذبة لفترة طويلة.”

مع تصاعد الضغوط السياسية وتداخل العوامل الاقتصادية، يبدو أن أسعار النفط ستظل رهينة التوترات بين أوبك، روسيا، والولايات المتحدة.

السؤال الأهم، هل تستطيع إدارة ترامب إجبار أوبك على تغيير سياستها، أم أن التحالف النفطي سيبقى متمسكًا بخطته، بغض النظر عن الضغوط الأمريكية؟

الأشهر المقبلة ستكون حاسمة في تحديد موازين القوى في سوق النفط العالمي، خاصة مع استمرار التحديات الجيوسياسية وتأثير العقوبات الغربية على المشهد العام.

error: Content is protected !!