Spread the love

إعلان التوصل إلى خارطة طريق لدعم مسار السلام في اليمن يمثل تطوراً إيجابياً في صراع دامٍ استمر لما يقرب من عقد من الزمن. ترحيب السعودية بهذا الاتفاق يعكس تحولاً ملحوظاً في الجهود الإقليمية والدولية لإنهاء النزاع. ومع ذلك، يبقى السؤال قائماً: هل هذا الاتفاق خطوة نحو حل دائم أم مجرد تهدئة مؤقتة تعيد ترتيب المشهد السياسي والعسكري؟

ترحيب المملكة بخارطة الطريق يعكس تحولاً مهماً في استراتيجيتها تجاه اليمن. السعودية، التي لعبت دوراً محورياً في النزاع من خلال قيادتها للتحالف العربي، تؤكد الآن على أهمية الحلول السياسية والحوار. هذه المقاربة الجديدة تعكس إدراكاً متزايداً بأن الحل العسكري وحده لن يحقق الاستقرار في اليمن.

البيان السعودي شدد على أهمية تشجيع الأطراف اليمنية للجلوس على طاولة الحوار، ما يعكس رغبة المملكة في تقليص التدخلات الخارجية وتعزيز الاستقرار الداخلي لليمن. هذا النهج يتماشى مع رغبة إقليمية ودولية لتحقيق تسوية سلمية تحت مظلة الأمم المتحدة.

إعلان المبعوث الأممي هانس غروندبرغ عن موافقة الأطراف اليمنية على تدابير لوقف إطلاق النار وتحسين ظروف المعيشة يمثل خطوة إيجابية نحو استئناف العملية السياسية. تضم الخارطة نقاطاً أساسية مثل:

وقف شامل لإطلاق النار: خطوة ضرورية لتهيئة الأجواء للحوار.
تحسين الظروف المعيشية: تخفيف الأزمة الإنسانية وتلبية احتياجات السكان.
استئناف العملية السياسية: تحقيق توافق جامع بين الأطراف اليمنية.

على الرغم من التفاؤل، تواجه خارطة الطريق عقبات كبيرة: فسنوات من الصراع والانقسامات العميقة تجعل تحقيق الثقة تحدياً كبيراً. كذلك هناك التدخلات الإقليمية والدولية قد تعرقل تنفيذ الاتفاق إذا تعارضت مع مصالحها. كما أن تحسين الظروف المعيشية يتطلب التزاماً فورياً ودعماً دولياً لضمان وصول المساعدات وإعادة بناء البنية التحتية.

السعودية، بصفتها اللاعب الإقليمي الرئيسي، تتحمل مسؤولية كبيرة لضمان نجاح خارطة الطريق. دورها كوسيط محايد في هذه المرحلة قد يسهم في بناء الثقة بين الأطراف المتنازعة.

الأمم المتحدة والقوى الدولية مطالبة بتقديم الدعم السياسي والمالي لضمان تنفيذ خارطة الطريق. توفير الضمانات والرقابة المستمرة قد يسهم في تقليل احتمالات انهيار الاتفاق.

في حال التزام الأطراف بالتنفيذ، قد يتم تحقيق وقف شامل لإطلاق النار وتهيئة الأجواء لعملية سياسية جامعة، مما يعيد الأمل في استقرار اليمن.

إذا استمرت الانقسامات أو ظهرت خلافات حول تنفيذ التدابير، فقد تنهار خارطة الطريق، مما يعيد الوضع إلى نقطة الصفر ويزيد من تعقيد الأزمة.

قد يؤدي الاتفاق إلى تهدئة مؤقتة دون معالجة الجذور الأساسية للصراع، مما يجعل الحلول طويلة الأمد بعيدة المنال.

خارطة الطريق المعلنة تمثل بصيص أمل لإنهاء أحد أعقد الصراعات في المنطقة، لكنها ليست نهاية المطاف. نجاحها يتطلب التزاماً حقيقياً من الأطراف اليمنية، ودعماً إقليمياً ودولياً قوياً، وإدارة حكيمة للتحديات الميدانية. يبقى التساؤل الأهم: هل يستطيع اليمن تجاوز إرث الحرب والتوجه نحو سلام دائم يحقق تطلعات شعبه؟ الإجابة ستحدد مصير هذا الاتفاق ومستقبل اليمن ككل.

“بعمق” زاوية أسبوعية سياسية تحليلية على “شُبّاك” يكتبها رئيس التحرير: مالك الحافظ

error: Content is protected !!