FILE PHOTO: Israeli soldiers operate in the Gaza Strip amid the ongoing conflict between Israel and the Palestinian Islamist group Hamas, in this handout picture released on January 21, 2024. Israel Defense Forces/Handout via REUTERS THIS IMAGE HAS BEEN SUPPLIED BY A THIRD PARTY/File Photo
Spread the love

وصل وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن إلى إسرائيل في زيارة تعكس تزايد الضغوط الأمريكية على تل أبيب لإنهاء العمليات العسكرية المكثفة في قطاع غزة، والانتقال إلى مرحلة أكثر تركيزًا في الحرب ضد حركة حماس. تحمل هذه الزيارة أهمية استراتيجية كبرى، إذ تأتي في وقت تستمر فيه العمليات البرية والجوية الإسرائيلية بوتيرة عالية، بينما تتصاعد المخاوف الدولية من تفاقم الوضع الإنساني في القطاع المحاصر.

على الرغم من أن إدارة الرئيس جو بايدن لا تزال تؤكد دعمها لما تعتبره حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها بعد هجوم السابع من أكتوبر، إلا أن لهجة أوستن باتت تعكس تغييرًا في الأولويات الأمريكية، حيث أصبح أكثر صراحة بشأن المعاناة المدنية في غزة، محذرًا من مخاطر تطرف السكان الفلسطينيين بسبب القصف الإسرائيلي العنيف.

المرحلة التالية من الحرب: توافق استراتيجي مع اختلاف في الجدول الزمني

تسعى واشنطن إلى إقناع إسرائيل بالانتقال إلى مرحلة جديدة من الحرب تعتمد على عمليات مركزة ضد قادة ومواقع حماس بدلاً من القصف العشوائي والقتال الواسع. مسؤول أمريكي رفيع أوضح أن العمليات البرية والجوية الضخمة لن تستمر إلى الأبد، مشيرًا إلى أن بلاده تدعم إسرائيل في التخطيط للمرحلة الانتقالية، لكن هناك تباينًا في الرؤى بشأن التوقيت المناسب لذلك.

ميشيل كرم، المتخصص في الدراسات العسكرية والأمنية، أكد أن هناك اتفاقًا مبدئيًا بين واشنطن وتل أبيب على ضرورة الانتقال إلى نهج أكثر استهدافًا، لكنه أشار إلى أن واشنطن تريد تسريع هذه العملية خلال الأسابيع المقبلة، في حين ترى إسرائيل أنها بحاجة إلى وقت أطول لاستكمال أهدافها العسكرية.

من جهته، أشار وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت أن الحرب “ستستمر لأكثر من عدة أشهر”، بينما شدد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو خلال زيارة مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان إلى إسرائيل، على أن العمليات ستستمر “حتى النصر المبين”، وهو ما قد يشير إلى تباين في التصورات بين الحليفين حول الجدول الزمني لإنهاء العمليات العسكرية الكبرى.

زيارة أوستن تأتي بعد تصريحات حادة من الرئيس الأمريكي جو بايدن الأسبوع الماضي، حذر فيها إسرائيل من أنها “تخاطر بفقدان الدعم الدولي” بسبب الضربات الجوية العشوائية التي تؤدي إلى مقتل أعداد كبيرة من المدنيين الفلسطينيين. مع تزايد أعداد القتلى والمشردين في غزة، تتعرض إدارة بايدن لضغوط داخلية وخارجية لاتخاذ موقف أكثر حزمًا ضد استمرار الحرب بهذه الطريقة.

يبدو أن واشنطن تسعى إلى منع إسرائيل من الوقوع في سيناريو حرب استنزاف طويلة قد تؤدي إلى زيادة التوتر الإقليمي وإحراج الولايات المتحدة على الساحة الدولية، خاصة مع تصاعد الانتقادات داخل الكونغرس الأمريكي وفي الأمم المتحدة.

الدور الأمريكي في توجيه الاستراتيجية العسكرية الإسرائيلية

أوستن، الذي كان قد قاد القوات الأمريكية في العراق ويملك خبرة عميقة في إدارة الصراعات العسكرية طويلة الأمد، من المتوقع أن يقدم رؤية عسكرية لإسرائيل حول كيفية إدارة المرحلة التالية من الحرب، بحيث تضمن؛ منع إعادة بناء القدرات العسكرية لحماس بعد انتهاء القتال المكثف، وتقليل الخسائر البشرية بين المدنيين لتجنب ردود فعل سلبية دولية، وتحقيق أهداف عسكرية دون التورط في صراع طويل الأمد قد يكون مكلفًا لإسرائيل سياسيًا وعسكريًا.

يرافق أوستن في زيارته رئيس هيئة الأركان المشتركة الأمريكية الجنرال تشارلز براون، وهو ما يعكس مدى التركيز الأمريكي على هذه الزيارة وأهمية نتائجها في تحديد مستقبل الحرب الدائرة في غزة.

رغم تأكيد إسرائيل على مواصلة القتال، إلا أن الضغوط الأمريكية قد تدفعها إلى إعادة تقييم تكتيكاتها العسكرية، خاصة في ظل تنامي الأصوات داخل الإدارة الأمريكية التي تطالب بممارسة ضغوط دبلوماسية أقوى على نتنياهو لوقف العمليات الواسعة.

الخبير الأمني عمر بدوي، أشار إلى أن “إسرائيل تدرك أهمية الحفاظ على الدعم الأمريكي”، لكنها في الوقت ذاته لا تريد إنهاء الحرب قبل تحقيق “الحد الأدنى” من الأهداف الاستراتيجية، مثل تفكيك البنية التحتية العسكرية لحماس وضمان عدم عودة تهديد الصواريخ إلى العمق الإسرائيلي خلال الفترة المقبلة.

في المقابل، يرى المحلل السياسي أديب العامري أن “الإدارة الأمريكية تدرك أن الضغط المفرط على إسرائيل قد يكون غير مجدٍ، لكنها تسعى إلى دفعها نحو مرحلة أكثر عقلانية من الصراع”، مضيفًا أن “بايدن لا يريد أن يجد نفسه مضطرًا لاتخاذ موقف أكثر حدة ضد نتنياهو مع اقتراب الانتخابات الأمريكية المقبلة”.

في ظل هذه المعطيات، تبدو زيارة أوستن حاسمة في تحديد مستقبل الحرب على غزة. بينما تسعى واشنطن إلى احتواء الصراع وتجنب تصعيد إقليمي أكبر، تصر إسرائيل على أنها لم تحقق بعد أهدافها العسكرية الكاملة، مما يضع الطرفين أمام تحدٍ حقيقي في إدارة المرحلة القادمة.

الأسابيع المقبلة ستكشف ما إذا كانت إسرائيل ستتجاوب مع الضغوط الأمريكية، أو أنها ستواصل العمليات العسكرية الواسعة لفترة أطول، وهو ما قد يزيد من التوتر بين الحليفين، ويدفع بايدن إلى إعادة النظر في نهجه تجاه الصراع، خاصة مع استمرار الانتقادات الداخلية والدولية لطريقة إدارة الحرب في غزة.

error: Content is protected !!