الخميس. أكتوبر 17th, 2024

عرقلة أمريكية أمام تطبيع العلاقات بين تركيا وسوريا.. قراءة في تصريحات لافروف

صرح وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف بأن أنشطة الولايات المتحدة تعتبر “عائقا ضخما” أمام تطبيع العلاقات بين تركيا وسوريا، وفق وكالة “آر تي”.

تصريحات وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف حول أنشطة الولايات المتحدة في سوريا تشير إلى عائق كبير أمام تطبيع العلاقات بين تركيا وسوريا، وهو الوجود الأمريكي غير الشرعي شرق الفرات، حيث يُزعم أن واشنطن تسيطر على الموارد السورية مثل النفط والحبوب، مما يثير التوترات. يعكس حديث لافروف عن دور الأكراد والمفاوضات بين تركيا وسوريا رغبة في تحقيق تعاون إقليمي يعزز الأمن ويحد من الإرهاب. يرى لافروف ضرورة نأي الأكراد بأنفسهم عن الإرهاب والعودة إلى التفاوض مع دمشق، مؤكدًا أن أنقرة قد تساعد في هذه الجهود.

تحليل هذه التصريحات يكشف عن تعقيدات جيوسياسية، حيث تتشابك مصالح الأطراف الإقليمية والدولية في سوريا. الولايات المتحدة تحافظ على وجودها العسكري، ما يزيد من التوترات مع روسيا التي تدعم الحكومة السورية. تركيا تسعى من جانبها إلى تأمين حدودها الجنوبية ومحاربة التنظيمات الكردية المسلحة، بينما تبقى مسألة الأكراد نقطة محورية في أي تفاهم إقليمي.

إن التطبيع بين أنقرة ودمشق، رغم أنه أصبح مطروحًا بجدية بعد عدة لقاءات، يواجه عقبات أساسية بسبب هذه التداخلات. الوجود الأمريكي والتحديات الأمنية على الحدود، بالإضافة إلى عدم اتفاق واضح بين الأطراف حول مستقبل الأكراد ودورهم في سوريا، يجعل من مسار التطبيع مسألة معقدة تتطلب حلولًا دبلوماسية متعددة الطبقات.

تصريحات وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف تعكس العديد من التعقيدات في المشهد الجيوسياسي السوري. فتصريحاته حول الوجود الأمريكي غير الشرعي في سوريا، وسيطرتهم على مناطق استراتيجية تشمل موارد طبيعية، تظهر أن هذا الوجود بات يشكل عقبة رئيسية أمام إعادة العلاقات التركية السورية.

التوتر بين الأطراف الإقليمية والدولية في سوريا يعكس بشكل أعمق نزاع المصالح، حيث أن لكل طرف رؤيته الخاصة لحل الأزمة السورية. الولايات المتحدة، من خلال وجودها في الشرق السوري، تحافظ على نفوذها في المنطقة، إذ تسعى إلى استغلال تلك المناطق الغنية بالموارد مثل النفط والحبوب لتمويل حلفائها في الداخل، خاصةً قوات سوريا الديمقراطية (قسد) ذات الغالبية الكردية، مما يعقد الموقف.

في المقابل، ترى روسيا في تلك التحركات عائقاً يعرقل جهودها لتنسيق اتفاقات إقليمية شاملة. فتأييد لافروف لتطبيع العلاقات بين أنقرة ودمشق لا يقتصر على الجانب السياسي فقط، بل يمتد إلى الأبعاد الأمنية المتعلقة بمسألة الأكراد، والتي تشكل نقطة خلاف جوهرية بين الأطراف. وقد أكد لافروف أن الحل الأمثل يكمن في أن الأكراد، الذين تم تعزيزهم وتسلحهم جزئيًا من الولايات المتحدة، يجب عليهم العودة إلى دائرة الدولة السورية والتخلي عن الأجندات الانفصالية أو الإرهابية.

الحديث عن اتفاقية أضنة الموقعة بين تركيا وسوريا عام 1998 يعيد تسليط الضوء على تعاون أمني طويل الأمد بين الدولتين في مواجهة الإرهاب وضمان الأمن على الحدود. هذه الاتفاقية قد تكون نموذجًا يمكن تكييفه للتعامل مع التحديات الراهنة، خاصة مع الظروف المستجدة في سوريا، مثل النفوذ الكردي والوجود الأمريكي.

من جانب آخر، تركيا تسعى لاستعادة علاقاتها مع سوريا بعدما قطعت العلاقات الدبلوماسية منذ عام 2012 نتيجة للصراع، وتضع محاربة النفوذ الكردي وحماية حدودها في مقدمة أولوياتها. وفي إطار ذلك، يظهر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان استعدادًا لتحسين العلاقات مع دمشق، ولكنه يواجه ضغوطًا داخلية وخارجية، خاصة من جانب الولايات المتحدة التي لا تزال تفرض وجودًا استراتيجيًا في المنطقة.

هذا السياق المعقد يبرز وجود فجوة كبيرة بين الرغبة في تحسين العلاقات بين سوريا وتركيا من جهة، واستمرار الولايات المتحدة في تنفيذ استراتيجياتها العسكرية والاقتصادية التي تخدم مصالحها وحلفائها المحليين. فالمصالح المتضاربة تعني أن أي تقدم في إعادة تطبيع العلاقات قد يواجه عراقيل متزايدة، سواء على مستوى العمليات العسكرية أو المفاوضات السياسية.

Related Post