الأحد. ديسمبر 29th, 2024

“عصر الكهرباء”.. تحولات الطاقة ومستقبل الاقتصاد العالمي في ظل تراجع الطلب على الوقود الأحفوري

قالت «وكالة الطاقة الدولية» إن العالم على وشك الدخول في عصر الكهرباء عقب وصول الطلب على الوقود الأحفوري (الفحم والنفط والغاز الطبيعي) إلى ذروته والمتوقع بحلول نهاية هذا العقد، وهو ما يعني أن فائض إمدادات النفط والغاز قد يعزز الاستثمار في الطاقة الخضراء.

وذكرت الوكالة أنه إذا استمرت السياسات الحكومية الحالية، فمن المتوقع أن يصل الطلب العالمي على النفط إلى ذروته قبل عام 2030 عند أقل قليلا من 102 مليون برميل يومياً، ثم يتراجع إلى مستويات عام 2023 عند 99 مليون برميل يومياً بحلول 2035، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى انخفاض الطلب من قطاع النقل مع زيادة استخدام المركبات الكهربائية.

وبحسب تقديرات خبراء الوكالة فإن أكثر من نصف الكهرباء في العالم سيتم إنتاجها من مصادر منخفضة الانبعاثات قبل العام 2030. كما يرون أن مستوىً قياسياً مرتفعاً من الطاقة النظيفة كان متاحاً للاستخدام على مستوى العالم العام الماضي، منه أكثر من 560 غيغاوات من مصادر الطاقة المتجددة.

تشير التوجهات الأخيرة التي أعلنت عنها وكالة الطاقة الدولية إلى بداية تحول جذري في نظام الطاقة العالمي، إذ يتوقع دخول العالم في “عصر الكهرباء” بحلول نهاية العقد الحالي. هذا التحول يأتي مع تراجع الطلب على الوقود الأحفوري بسبب تبني المركبات الكهربائية والاعتماد المتزايد على مصادر الطاقة النظيفة، مثل الطاقة الشمسية والرياح.

وتقدر الوكالة أن أكثر من نصف إنتاج الكهرباء عالميًا سيكون من مصادر منخفضة الانبعاثات بحلول 2030، مما يدعم التوجه نحو تقليل الاعتماد على النفط والغاز. من المتوقع أن يصل الطلب العالمي على النفط إلى ذروته قبل 2030، عند حوالي 102 مليون برميل يوميًا، ثم ينخفض إلى مستويات 99 مليون برميل يوميًا بحلول 2035، مما يشير إلى تحولات غير مسبوقة في مشهد الطاقة العالمي.

هذا الفائض المتوقع في إمدادات الوقود الأحفوري قد يضغط على الأسعار، ويُعزز الاستثمار في الطاقة النظيفة، إذ تتوقع الوكالة أن يصل حجم الاستثمار في الطاقة الخضراء إلى حوالي تريليوني دولار في عام 2024، أي ضعف ما يُستثمر في الوقود الأحفوري. ومع ذلك، تحذر الوكالة من أن التطورات الجيوسياسية في الشرق الأوسط قد تؤثر على الإمدادات، مما يزيد من الحاجة إلى الإسراع في التحول إلى الطاقة المتجددة.

أما في المستقبل، إذا استمرت الحكومات في تبني سياسات بيئية معتدلة، فمن المتوقع أن تستقر أسعار النفط عند 75 دولارًا للبرميل بحلول 2050. لكن إذا اعتمدت الدول سياسات أكثر تشددًا في خفض الانبعاثات، فقد تنخفض الأسعار إلى 25 دولارًا للبرميل، مما يعكس توقعات بانخفاض كبير في الاعتماد على النفط.

تنبئ هذه التحولات بفترة انتقالية مليئة بالتحديات الاقتصادية والبيئية. فبينما قد تنخفض أسعار النفط على المدى الطويل، يتطلب استبدال البنية التحتية للطاقة الحالية بالمتجددة استثمارات ضخمة وإجراءات سياسية متماسكة عالميًا، خاصة أن استخدام الطاقة النظيفة لا يزال غير متوازن بين البلدان والتقنيات المختلفة.

التوسع في مفهوم “عصر الكهرباء” يتجاوز مجرد التحول إلى مصادر الطاقة النظيفة. هذا التحول يشير إلى إعادة هيكلة كاملة لسلاسل الإمداد، وتغيير جوهري في كيفية إنتاج الطاقة وتوزيعها واستهلاكها. أحد أهم المحركات في هذا التوجه هو التقدم في تكنولوجيا البطاريات وتخزين الطاقة، الذي سيتيح استقرار الشبكات الكهربائية التي تعتمد على مصادر متقطعة كالشمس والرياح.

بالإضافة إلى ذلك، فإن التحول المتوقع سيخلق ضغوطاً على الدول المصدرة للنفط، حيث قد تواجه اقتصاداتها تحديات هيكلية مع تراجع الطلب على الوقود الأحفوري، مما قد يدفعها لتسريع سياسات التنويع الاقتصادي. في هذا السياق، تتزايد أهمية الاستثمار في تكنولوجيا الطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة لخفض التكاليف طويلة الأمد، مع تحفيز الابتكار في شبكات النقل الكهربائي والمباني الذكية.

على الصعيد السياسي، قد تؤدي هذه التحولات إلى إعادة رسم التوازنات الجيوسياسية؛ إذ يمكن للدول التي تتبنى التحول مبكراً أن تحظى بميزة تنافسية. وفي المقابل، قد تواجه دول أخرى اضطرابات اجتماعية واقتصادية إذا لم تستعد للتحولات المقبلة. هذا يعكس أهمية السياسات الحكومية الاستباقية، ليس فقط على مستوى تخفيف الانبعاثات، ولكن أيضاً في تمكين الاقتصادات من الانتقال بسلاسة إلى الأنماط الجديدة للطاقة والابتكار.

Related Post