الخميس. أكتوبر 17th, 2024

الانتخابات الرئاسية التونسية.. تصاعد التوترات وإعادة تشكيل المشهد السياسي

Tunisia's President Kais Saied casts his ballot at a polling station, during a referendum on a new constitution, in Tunis, Tunisia July 25, 2022. Tunisian Presidency/Handout via REUTERS ATTENTION EDITORS - THIS IMAGE WAS PROVIDED BY A THIRD PARTY NO RESALES. NO ARCHIVES.

تشهد تونس مرحلة سياسية معقدة قبيل الانتخابات الرئاسية، حيث تتخذ الحكومة التونسية، تحت قيادة الرئيس قيس سعيد، خطوات قانونية ضد بعض منافسيه البارزين، مثل العياشي زمال والمنذر الزنايدي. هذه التحركات القضائية تأتي في وقت حساس، ويبدو أنها تسعى للحد من فرص المعارضة في المنافسة الفعالة.

الواقع السياسي في تونس اليوم يتسم بسيطرة متزايدة من الرئيس سعيد على المشهد السياسي، حيث تتداخل الإجراءات القانونية مع الديناميكيات السياسية في البلاد. زمال، الذي يواجه تهم تزوير وثائق دعم شعبي، والزنايدي، المتهم بالتآمر على أمن الدولة، يواجهان تحديات قانونية قد تعيق مشاركتهما في الانتخابات، وهو ما يثير مخاوف بشأن نزاهة العملية الانتخابية.

هذه التطورات قد تعزز من سيطرة سعيد على السلطة بعد الانتخابات، خصوصًا في ظل غياب منافسين أقوياء بسبب العوائق القانونية. هذا السياق يثير تساؤلات حول مستقبل الديمقراطية في تونس، حيث أن قمع المعارضة بهذه الطريقة قد يقود إلى مزيد من الاستقطاب السياسي وعدم الاستقرار.
التوقعات لما بعد الانتخابات:

في حال فوز قيس سعيد بولاية جديدة، من المتوقع أن يستمر في توسيع سلطاته الرئاسية، مما قد يفتح الباب أمام تركيز أكبر للسلطة في يده. غياب معارضة قوية قد يؤدي إلى تقويض دور المؤسسات الديمقراطية في تونس، ويزيد من احتمالية اضطرابات اجتماعية أو احتجاجات. بالإضافة إلى ذلك، قد تؤدي هذه الديناميكية إلى مزيد من العزلة الدولية لتونس، خاصة من الشركاء الغربيين الذين يراقبون التطورات الديمقراطية عن كثب.

التوترات السياسية العميقة في تونس تعود إلى قرارات الرئيس قيس سعيد منذ 25 يوليو 2021، والتي وُصفت بأنها استثنائية وتعسفية. هذه الإجراءات جاءت على خلفية أزمة اقتصادية واجتماعية حادة، حيث قام الرئيس بحل البرلمان وتجميد المؤسسات الدستورية. بالنسبة لمعظم معارضيه، تعد هذه الخطوات انقلابًا على المسار الديمقراطي الذي شهدته تونس منذ 2011، مما زاد من الانقسامات السياسية وأثار مخاوف بشأن مستقبل الديمقراطية والانتقال السياسي في البلاد.

تحركات سعيد جاءت في ظل تراجع شعبية الأحزاب التقليدية وفشلها في تقديم حلول ملموسة للأزمات المتفاقمة، وهو ما سمح له بتوجيه انتقادات شعبية قوية ضد النخبة السياسية التي حكمت منذ 2011. التبرير الذي يقدمه سعيد لمركزة السلطة في يديه هو ضرورة “تطهير” المؤسسات من الفساد والمصالح الحزبية، لكن هذا النهج تسبب في تعزيز الانقسام السياسي وزيادة الضغوط الدولية.

في هذا السياق، تأتي التحركات القضائية ضد منافسيه كجزء من استراتيجيته لإبعاد الخصوم السياسيين وإضعاف المعارضة. على سبيل المثال، يُعد العياشي زمال شخصية مهمة تمثل توجهات معارضة لرؤية سعيد، خاصة في الملفات الاجتماعية والاقتصادية، بينما يُنظر إلى المنذر الزنايدي على أنه بقايا للنظام السابق، مما يجعله هدفًا سهلًا في السياق الشعبي المعبأ ضد أي رمز من رموز نظام بن علي.

ما يجب مراعاته هو أن هذه التحركات تأتي في وقت تعاني فيه تونس من عزلة دولية متزايدة. الدعم المالي الذي تحتاجه تونس من المؤسسات الدولية قد يكون مهددًا إذا استمر سعيد في سياسة إقصاء المعارضة وقمع الحريات. الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، اللذان كانا داعمين للانتقال الديمقراطي في تونس، قد يبدآن في مراجعة علاقاتهما معها إذا استمرت تلك السياسات، وهو ما قد يؤدي إلى تفاقم الأزمة الاقتصادية.

من ناحية أخرى، لا يمكن إغفال الوضع الاجتماعي المتفجر. البطالة، التضخم، وتدهور الخدمات العامة، كلها عوامل قد تشعل احتجاجات واسعة في المستقبل. المعارضة، رغم إضعافها، قد تلعب دورًا في تأجيج الشارع إذا استمر التضييق عليها، مما قد يؤدي إلى موجة احتجاجات جديدة مشابهة لما حدث في 2011.

الانتخابات المقبلة ليست مجرد منافسة انتخابية، بل اختبار حقيقي لمدى قدرة سعيد على الحفاظ على سلطته وسط التحديات الداخلية والخارجية.

Related Post