الخميس. أكتوبر 17th, 2024

النساء وتغير المناخ.. كيف تؤثر الأزمات البيئية على النساء بشكل غير متكافئ؟

تغير المناخ أصبح قضية ملحة في العصر الحديث، حيث يؤثر على جميع شرائح المجتمع، لكن تأثيره على النساء يعد غير متكافئ بشكل واضح، وخاصة في المناطق الريفية. هذه الفجوة في التأثير ليست فقط ناتجة عن الاختلافات البيئية، بل تتداخل معها جوانب اقتصادية، اجتماعية، وثقافية، مما يزيد من تفاقم التحديات التي تواجهها النساء في مواجهة الأزمات البيئية.

الأزمات البيئية وتفاقم عدم المساواة

في المناطق الريفية، حيث يعتمد الاقتصاد غالباً على الزراعة والموارد الطبيعية، تكون النساء من أكثر الفئات ضعفاً بسبب تعرضهن المباشر لتداعيات تغير المناخ مثل التصحر، ندرة المياه، والتغيرات الموسمية. في كثير من المجتمعات الريفية، تلعب النساء دورًا مركزيًا في إدارة الموارد المنزلية مثل جمع المياه والحطب، وزراعة المحاصيل. عندما تتأثر هذه الموارد بسبب تغير المناخ، يُضطررن إلى قطع مسافات أطول للعثور على المياه أو موارد بديلة، مما يؤدي إلى زيادة الأعباء الجسدية ويحد من فرصهن في التعليم أو المشاركة في النشاطات الاقتصادية.

وفقاً لتقرير الأمم المتحدة للمرأة، النساء والفتيات يشكلن 80% من الذين يتم تهجيرهم بسبب تغير المناخ في البلدان النامية. هذه الأرقام تكشف عن حجم التفاوت بين الجنسين في مواجهة تداعيات التغير البيئي.

تحديات سياساتية تواجه النساء

السياسات البيئية غالبًا ما تُصاغ دون مراعاة كافية لاحتياجات النساء. الأنظمة الزراعية، على سبيل المثال، تترك النساء في الريف دون دعم كافٍ لتحسين سبل عيشهن، ويُهمل الاعتراف بدورهن في المحافظة على الموارد الطبيعية. إلى جانب ذلك، النساء غالبًا لا يتخذن قرارات على مستوى السياسات الكبرى في الدول النامية، مما يُضعف قدرتهن على المشاركة في الحلول المناخية أو التأثير على السياسات التي تتعلق بحياتهن اليومية.

يقول تقرير منظمة الأغذية والزراعة أن النساء يشكلن نصف القوى العاملة في الزراعة في بعض البلدان النامية، لكنهن لا يحصلن إلا على جزء ضئيل من الدعم المالي والتقني المتاح للمزارعين، وهو ما يجعل مواجهة التغيرات البيئية أكثر صعوبة بالنسبة لهن.

رغم التحديات الهائلة، هناك أمثلة ملهمة عن مشاريع نسائية مستدامة تقود التغيير في مواجهة تحديات تغير المناخ. في إفريقيا، أسست مجموعة من النساء مشروعًا لزراعة الأشجار لمكافحة التصحر وتخفيف آثار التغير المناخي. يُعرف هذا المشروع باسم “الحزام الأخضر”، ويهدف إلى إعادة تأهيل الأراضي المتدهورة وزيادة الوعي البيئي.

في مناطق مثل الهند وبنغلاديش، تلعب النساء دورًا قياديًا في مشاريع الطاقة المتجددة، حيث يتم تدريبهن على تركيب وصيانة الألواح الشمسية. هذه المبادرات لا تساهم فقط في توفير الطاقة المستدامة، بل تعزز أيضًا من استقلالية النساء وتوفر لهن فرص عمل جديدة.

لمعالجة الفجوة في التأثير بين الجنسين، من الضروري أن تتبنى السياسات المناخية مقاربة جندرية تأخذ بعين الاعتبار التحديات التي تواجهها النساء وتعمل على تمكينهن من خلال:

إشراك النساء في صنع القرار: يجب أن يكون للنساء دور أكبر في تحديد السياسات البيئية والمناخية، سواء على مستوى الحكومات أو المنظمات الدولية، لضمان أن السياسات المتبعة تلبي احتياجاتهن وتدعم دورهن الفعّال في مواجهة تغير المناخ.

تقديم دعم مالي وتقني: يتعين على الحكومات والمنظمات توفير التمويل اللازم والدعم التقني للنساء في المناطق الريفية، خاصة في مجالات الزراعة المستدامة والطاقة المتجددة.

التعليم والتدريب: برامج التدريب التي تركز على التكنولوجيا البيئية والطاقة المتجددة يجب أن تستهدف النساء، مما يمكنهن من الحصول على المهارات التي تساهم في تعزيز الاستدامة وتخفيف الفجوة الجندرية.

النساء هن في الخط الأمامي لمواجهة الأزمات البيئية، ولكنهن غالبًا ما يُهمّشن في النقاشات والسياسات المتعلقة بالمناخ. من خلال تعزيز التعليم، توفير الدعم المالي، ودمج النساء في صنع القرار، يمكن للمجتمعات أن تستفيد من مهارات النساء وقدراتهن في مواجهة تغير المناخ، مما يساهم في خلق عالم أكثر عدلاً واستدامة.

Related Post