Spread the love

إعلان قوات الشرق الليبي بقيادة خليفة حفتر عن عملية عسكرية واسعة في المناطق الحدودية الجنوبية يضع ليبيا مجدداً في قلب المشهد الإقليمي والدولي المتوتر. هذا التحرك، الذي يأتي في سياق هشاشة أمنية إقليمية وصراع سياسي داخلي، يعكس تعقيدات الساحة الليبية في ظل التحديات التي تواجهها البلاد والدول المحيطة بها.

تؤكد تصريحات أحمد المسماري، الناطق باسم قوات حفتر، أن الهدف الرئيسي للعملية هو تأمين الحدود الليبية الجنوبية، في مواجهة التهديدات الناجمة عن الجماعات الإرهابية والإجرامية. هشاشة الوضع الأمني في منطقة الساحل، والانقلابات المتكررة في دول مثل النيجر ومالي، تضع ليبيا أمام تحديات مباشرة تتطلب تحركات عسكرية عاجلة.

الإعلان عن العملية العسكرية يعكس أيضاً رغبة حفتر في تعزيز نفوذه وسيطرته على مناطق جديدة في ليبيا، خصوصاً في ظل الصراع القائم بينه وبين حكومة الوحدة الوطنية بقيادة عبد الحميد الدبيبة. هذا التحرك يمكن أن يُفسر كخطوة لإعادة تأكيد سلطته على المناطق الجنوبية ذات الأهمية الاستراتيجية.

توقيت الإعلان، بعد لقاء حفتر مع نائب وزير الدفاع الروسي يونس بك يفكيروف، يشير إلى أبعاد إقليمية ودولية للعملية. التعاون مع روسيا، الذي يشمل وجود قوات فاغنر في المنطقة، يعكس دور موسكو في دعم حفتر ومساهمتها في تعزيز نفوذه كجزء من استراتيجيتها الأوسع في شمال أفريقيا.

الاشتباكات بين القوات التشادية والمجموعات المسلحة المعارضة داخل الأراضي الليبية تثير مخاوف من امتداد النزاعات الإقليمية إلى ليبيا. هذه التطورات تعكس التداخل المعقد بين الحدود غير المحمية في دول الساحل والتهديدات العابرة للحدود.

وجود قوات فاغنر في ليبيا يعزز التعقيد الإقليمي، حيث تسعى روسيا لتوسيع نفوذها في أفريقيا عبر بوابة ليبيا. هذا الدور يثير تساؤلات حول تأثير الوجود الروسي على استقرار المنطقة، خصوصاً في ظل انعدام الثقة بين الفاعلين الإقليميين والدوليين.

منطقة الساحل تعاني من انقلابات متكررة وأزمات سياسية عميقة، مما يزيد من احتمالات تدفق التهديدات الأمنية إلى ليبيا. هذه الأزمات تعيد تشكيل التحالفات الإقليمية، مع توجه قوى كبرى، مثل روسيا وفرنسا، لتعزيز حضورها العسكري والسياسي في المنطقة.

تعكس العملية العسكرية استمرار الصراع بين حكومة الدبيبة وحكومة الشرق المدعومة من مجلس النواب. حفتر يسعى لتعزيز موقعه كقوة فاعلة على الأرض، مما يزيد من تعقيد الجهود الدولية لتحقيق الاستقرار السياسي.

التركيز على العمليات العسكرية في الجنوب قد يفاقم الانقسامات بين الشرق والغرب، مع احتمال توظيف التوترات الأمنية لتعزيز الطموحات السياسية على حساب الحلول الوطنية الشاملة.

استمرار الانقسامات السياسية والعسكرية يضعف من فرص تنظيم انتخابات برلمانية ورئاسية في ليبيا. هذا الجمود السياسي يعزز حالة الفراغ المؤسساتي، مما يترك البلاد عرضة لمزيد من التدخلات الخارجية

كيف ستؤثر العملية العسكرية على استقرار الجنوب الليبي؟ وهل ستساهم هذه الخطوة في تعزيز موقف حفتر كفاعل رئيسي في المشهد السياسي، أم أنها ستفاقم التوترات مع حكومة الوحدة الوطنية؟ ما هي انعكاسات التعاون مع روسيا وقوات فاغنر على التوازنات الإقليمية والدولية في شمال أفريقيا؟ وهل يمكن أن تؤدي هذه التحركات إلى تصعيد أمني جديد على الحدود الليبية، أم أنها ستساهم في تحسين الوضع الأمني؟

عملية حفتر العسكرية في الجنوب الليبي تعكس مزيجاً من الأهداف الأمنية والسياسية والإقليمية. في ظل تعقيد المشهد الليبي وتداخل الصراعات الداخلية مع التوترات الإقليمية، يبقى مستقبل هذه العملية مرهوناً بقدرة الأطراف المحلية والدولية على تحقيق توازن بين المصالح المتضاربة. دون ذلك، قد تجد ليبيا نفسها عالقة في دائرة جديدة من عدم الاستقرار تهدد أمنها ووحدتها الوطنية.

“بعمق” زاوية أسبوعية سياسية تحليلية على “شُبّاك” يكتبها رئيس التحرير: مالك الحافظ

error: Content is protected !!